أرشيف ‘قرأت لك "تحقيقات ثقافية مسلسلة"’ التصنيفات

قرأ”ت لك ” 4 ” البداية والنهاية لابن كثير

التعليقات مغلقة

كتاب عملاق .. لا يقل درجة فى تميزه عن كاتبه الامام العملاق الفداء بن كثير ..
هو أحد المراجع التاريخية الاسلامية المنتقاة .. والأكثر أمانه فى النقل والرواية ..
ولا يحتاج كاتبه مطلقا الى القاء الضوء عليه .. فهو الامام الحافظ الشهير بن كثير ..
صاحب التفسير النابغ للقرءان الكريم ..
وصاحب الاضافات البالغة الثراء للمكتبة العربية

ونعود للكتاب الأسطوة الذى نحن بصدده ..
هذا الكتاب يقع فى أربعة عشر جزء .. يحتويها سبع مجلدات من القطع الكبير فى أغلب الطبعات ..
ويعالج فيه بن كثير كل الأمور المتعلقة بالتاريخ الاسلامى حتى عام وفاته فى القرن السابع الهجري
وبدأ الامام فيه بالحديث عن خلق العرش ..
مما يشي بحق بروعة العنوان الذى اختاره للكتاب فهو بداية ونهاية فعلا ..
ثم يتناول رحمه الله أحداث سيرة الأنبياء والرسل من آدم عليه السلام حتى محمد صلى الله عليه وسلم .. ويفرد فى الأجزاء جزءين للسيرة النبوية كاملة .. أحد هذين الجزءين مختص بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وأحداث هذه الوفاة ..
ثم يتابع الامام بعد هذا رواية الأحداث بطريقة مختلفة منذ بدء التقويم الهجرى الاسلامى
حيث يتناول أحداث التاريخ الاسلامى عاما بعد عام عن طريق ذكر السنة الهجرية فيقول ..
” ودخلت سنة كذا من الهجرة .. وفيها حدث كذا وكذا ..”
وهى طريقة بديعة فى التناول الأمين للأحداث بكل تفاصيلها

ولا يكتفي فى ذكر أحداث العام الهجرى بالأحداث التاريخية فحسب .. بل يضيف فى نهاية الحديث عن كل سنة هجرية وفيات الأعيان فى تلك السنة وتراجمهم الكاملة ودورهم فى التاريخ الاسلامى

بدون شك يعد هذا المرجع هو الأكمل والأنبغ فى التاريخ الاسلامى ..
ليس فقط فى دقته الرائعة فى تناول الأحداث ودقته فى ذكر التفاصيل ..
بل الأهم أمانه النقل البالغة من الامام بن كثير وحرصه على ذكر الروايات التاريخية كاملة وبسطها أمام القارئ بكل شهودها ثم يحرص على تفنيد تلك الروايات والتى تعد الدلائل الوحيدة لاستقاء التاريخ والمصدر الوحيد له فى عصر لم تعرف به الوثائق بالطبع
كان الامام يذكر الروايات جمنيعا ولكن ـ وهذا هو الأهم ـ يحرص كما قلت على تفنيدها وانتقاء الصحيح منها وعرضها أمام القارئ بيسر وسهوله

وهنا نذكر كتاب الامام الطبري رضي الله عنه .. وهوالعلامة الاسلامى الشهير صاحب كتاب تاريخ الأمم والملوك الشهير باسم ” تاريخ الطبري ” وهو مرجع هام جدا لا يقل عن ما سواه ويعتبر العمدة بين أمهات كتب التاريخ الاسلامى الا أن الامام الطبري كان يتناول التاريخ الاسلامى بذكر الروايات جميعها الا أنه لم يكن يفاضل بينها بل يكتفى بذكرها فقط ..
وكان حريصا للغاية على ذكر جميع الروايات بلا استثناء حتى المنكر منها
وان كان هذا من حرص وأمانه الامام الطبري ..

الا أن تتابع العهود أدى الى كارثة محققة لم ينتبه اليها الامام رحمه الله .. فعدم اهتمامه بنقد الروايات تسبب فى بلبلة كبري حين استغل دعاة العلمانية وأعداء الاسلام ذكر الرويات المنكرة فى كتاب لأحد رؤوس الأئمة .. الطبري .. قاموا بنسبتها اليه باعتباره مؤيدا لها واستغلوا هذا لضرب التاريخ الاسلامى بوقائع زائفة جملة وتفصيلا ..
أى أنهم غضوا الطرف عن الروايات الأخري المعتمدة التى أوردها الامام الطبري واكتفوا بذكر منكر الروايات للوصول الى أغراضهم على طريقة ” ولا تقربوا الصلاة ”

وهنا تبرز أهمية مرجع الامام بن كثير

حيث حرص الامام بن كثير على ايضاح ما وقع فيه شيخه الطبري بحسن نية وتناول جميع الروايات المنكرة بالتفنيد والنقد والبيان والاشارة الى حقيقة منهج الامام الطبري فى كتابه دفاعا عنه
حقا يعد مرجع الامام بن كثير وثيقة دفاع عظمى عن التاريخ الاسلامى وسيرة أبطاله
ولا غنى لمهتم بتراث بلاده عن هذا المرجع العملاق