رسائل الطوفان (رد الإتهامات عن الثورة المصرية )”5″

إلى الشباب العربي

جفت حلوقنا والله ..
ونحن ندعو مرارا وتكرارا إلى الإستقلال يا شباب الأمة ..
الإستقلال الفكرى عن أى تيار أيا كان نوعه , والإحتفاظ بالعقول مستقلة وليست مصادرة لحساب أحد ,
حتى لو كان الداعى لمصادرتها يدعو للجنة !
فالله عز وجل لم يجعل على الأمة حجة من الناس إلا النبي عليه الصلاة والسلام , وبعده كل ابن آدم يؤخذ من كلامه ويرد ..
فمتى يحين الوقت لتتجمعوا حول فكرة الإستقلال الحقيقي , والتى تمنحكم الفرصة الذهبية لرفض الوصاية , وتمنحكم الفرصة للاستفادة العلمية من كل عالم أو مفكر أو داعية
بلا أى تعصب لهذا أو ذاك ..
أوليس بن تيمية هو القائل ( ليس لأحد أن يتخذ من الأمة عالما بعينه يوالى ويعادى عليه )
فما هذا السخف الذى نجده فى بعض منتدياتنا لشباب طبقوا نظرية الخصخصة على الإسلام ,
فهذا يتبع الإخوان , ويعتبرهم خلفاء الله فى الأرض , وهذا يتبع السلفية أو تيارا معينا فيها , ويعتبر البقية كلها مبتدعة , وهذا يتبع كاتبا معينا ويعتبره قائده الروحى , … وهلم جرا ..


إنى هنا أخاطب العقول أن تمنح نفسها فرصة ترك التعصب لدقائق معدودة , وتسأل نفسها ,
هل الدفاع عن علمائنا ودعاتنا معناه أن نتبعهم فى كل كبيرة وصغيرة حتى لو كانوا مخطئين ؟!
المشكلة أنك تجد الجواب بـ ( لا ) من أى شخص , ورغم هذا فما إن يري أحدهم رأيا ـ مجرد رأى ـ يخالف رأى شيخه المفضل أو تياره المنتقي إلا وينقلب رأسا على عقب !
فلماذا تدخلون لمعارك لا ناقة لكم فيها ولا جمل ؟!
قديما ..
انقسمت الأمة إلى ناصريين وإلى ساداتيين وأنفقوا العمر فى تلك الصراعات , حتى ضيعوا الأمة بأكملها , وكان من المستحيل أن تجد أحدا يؤيد عبد الناصر ولا يكره السادات أو يؤيد السادات ولا يكره عبد الناصر !
ولم نجد عاقلا واحدا يقيم التقييم الطبيعى لكل رئيس منهما ..
ورأينا فى التيارات الدينية , إخوان وسلفية وصوفية ,
ومن المستحيل أن تجد إخوانيا لا يعادى السلفية , أو سلفيا لا يعادى الصوفية أو صوفيا لا يعادى السلفية , حتى أصبح الأمر أشبه بملهاة مضحكة كملهاة فرق كرة القدم
ولم نجد شخصا أو تيارا يرفض جميع المسميات , ويرحب بالجميع , ويقبل الحق حيث كان , ويقدّر علماء الأمة جميعا دون تفريط أو إفراط ..
بل وجدنا العصبيات , ووجدنا ــ للغرابة ــ من الشباب من يدافع بحمية عن الأنظمة العربية تعصبا لجنسيته أو بلده , وليس لأنه يؤمن بصلاح ولى أمره !


التجربة القائمة فى مصر الآن , وفى تونس قبلها , لابد من فهمها حق الفهم , وتطبيقها التطبيق الأمثل , وهى السعي وراء الحق وحده , والرقابة عليه , والقدرة على الجهر بالقول فى كل زمان ,
فقد نجحت الأصوات المحبطة ـ سواء بقصد أو بغير قصد ــ فى مصادرة العقول من الشباب ودفعتهم إلى عبادة الحكام باعتبارهم ولاة الأمر , وقد حان الوقت لترك هذه النظريات ,
ومن ناحية أخرى ..
لابد أن نتعلم من درس التاريخ أن الحل الوحيد الذى يحقق الإصلاح كما بشر به النبي عليه الصلاة والسلام , يكمن فى الإستقلال عن التعصبات والحزبيات ,
ودرس التاريخ واضح ,
ففي مصر التى قادت تجربة الثورات العسكرية , رأينا كيف أن محمد علىّ جاء للحكم بمساندة فرنسية ــ وليس كما يزعم البعض برغبة الشعب المصري وقتها ـــ
ومن تلاه من حكام الأسرة العلوية جاءوا بمباركة إنجليزية ,
وقامت تجربة 23 يوليو , بمباركة أمريكية ودعم أمريكى استمر حتى عام 1956م , رأت فيه أمريكا وسيلة حقيقية لبسط نفوذها مكان إنجلترا فى الصراع على التركة الشرق ـــ أوسطية ,
وجميع هذه التجارب بلا استثناء , اتفقت فى أنها تجارب أضاعت الأمة بأكملها ومزقتها شر ممزق , وأفرزت حكومات ديكتاتورية لا زالت قائمة لليوم ,


وعليه فالدرس المستفاد من ذلك يتمثل فيما يلي ..


أولا : أن الثورات العسكرية والإنقلابات طريق للحكم الديكتاتورى دون أدنى شك , فلا يمكن أن يأتى الإصلاح الحقيقي والديمقراطى على متن دبابة !

ثانيا : أن الثورة الحقيقية تتمثل فى رقابة الشعب , واستعدادهم التام لتجديد المعارضة فى حالة نكوص أى حاكم جديد عن الديمقراطية ,
وبهذا الشكل وحده يأتى الحكام بإرادة الشعوب , لا بمباركة القوى السياسية فى الغرب , ويصبح الحاكم العربي لا يخشي بعد الله إلا رأى شعبه , وليس رأى البيت الأبيض !


ثالثا : وجوب إدراك أن افتراق الأمة الحقيقي إنما تسبب فيه الإعلام الملوث , والعصبيات الشبيهة بفرق كرة القدم , وأن الداعين لوحدة الأمة , لو أرادوا الوحدة حقا , لدعموا الإستقلال عن أى وجه من وجوه التعصب ,


هذه هى البذرة التى تم غرسها مؤخرا على أرضية الوعى ,
وكل ما نأمله أن نراها وقد أثمرت إن شاء الله

التعليقات مغلقة.