الوسوم ‘الرجل و المرأة’

مناقشة حول المساواة بين الرجل والمرأة فى الإسلام

التعليقات مغلقة

جاء النقاش حول وجهة نظر أحد الكتاب حول موضوع المساواة بين الرجل والمرأة , تلك القضية الفارغة التى صدعوا بها رؤوسنا وجنى الغرب منها ما جعله اليوم يعيد التفكير فى منهجه القائم على التساوى بين الرجل والمرأة فى كل شأن عاما كان أم خاصا ..
ولكن كاتب الموضوع تجاوز فى دفاعه إلى حد إنكار المساواة فى الإسلام جملة وتفصيلا ..
ومن هنا كان هذا التعقيب
وبالنسبة للموضوع ففكرته وما قمت بطرحه أتفق معك فى جوهره بلا خلاف
لكن الإختلاف شكلي فقط فالعنوان ـ واسمح لى ـ كارثة فى حد ذاته وهو نفس ما يردده أصحاب الأهواء من أن الإسلام دين لا يعرف أو يعترف بالمساواة حيث تقول بالعنوان { ليس الذكر كالأنثي .. لا مساواة فى الإسلام }
والقراءة فى هذا الزمن والصبر عليها أشبه بالغاية التى لا تدرك
فالعنوان لو اكتفي به واحد من المارين عليه لأصبحت نافذة يرددها ضدنا كل من له غرض
الإسلام دين المساواة .. نعم
لكن الإختلاف فى كنه هذه المساواة .. وعليه فالتعميم له خطورته كما أن افتتاحك العنوان بالآية الكريمة “ وليس الذكر كالأنثي “
أراه فى غير موضعه لأن سياق الآية كان فيه المقصود محددا بتلك الحقيقة .. حقيقة أن الذكر ليس كالأنثي والتى وردت فى سياق قصة مريم عليه السلام
[فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ] {آل عمران:36}
وكان الهدف من قول أم مريم عليهما السلام إيضاح أن الشريعة اليهودية لم تكن تقبل نذر البنات للمعابد فهذا حكر على الرجال وحدهم ولهذا قالت ” وليس الذكر كالأنثي “
وعليه فالمساواة موجودة ومبدأ أساسي من مبادئ التشريع ويتضح هذا من قوله تعالى
[مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]
{النحل:97}
وقوله تعالى
[وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا] {النساء:124}
فالمساواة واضحة .. ولكن أين هى المشكلة ؟!
المشكلة ليست فى المساواة بل فى استخدامها الخاطئ من الغرب العلمانى وهو الاستخدام الذى دعانا لإنكارها مجملها وهو تصرف غير صحيح
فالأسلم أن نبين لب القضية بكاملها ونضع اللفظ فى موضعه
فالمساواة لا تعنى بأى حال من الأحوال شأنا خاصا بل هى شأن عام بين سائر البشر من ذكر وأنثي فى ضرورة التكليف وأداء الحقوق والواجبات
فلا خلاف هنا على وجود المساواة
أما ما يدعونه من مساواة فى طبيعة الحقوق والواجبات فليس هذا مجاله ولا محله
فكل إمرؤ ميسر لما خلق له وجاءت الشريعة بكلا النقطتين
الأولى : فى الآيات السابقة فقررت المساواة وأوضحت معناها العام
الثانية : عندما دخل التشريع إلى مجال توزيع وشرح طبيعة الحقوق والواجبات لم تدخل المساواة هنا للمعانى الخاصة بل ظلت كما هى فى إطارها العام وجاءت العدالة لتقرر بقوله تعالى
[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ]
ولو أن المساواة غير موجودة فى الأصل لكان هذا ببساطة هدما مباشرا لأبسط وأول مبادئ التشريع الذى لم يفرق مطلقا بين ذكر وأنثي فى أصل الإيمان والالتزام بأحكامه
بل جاءت التفرقة فى التفاصيل
فالمساواة موجودة نعم .. لكنها تبقي أبدا فى حدود الأصل العام الذى تتفرع منه فروع أخرى لا يتم فيها التساوى
وليس هذا فقط فى مجال التفرقة بين الرجل والمرأة بل إن التشريع الإسلامى حافل بالتفرقة بين تفاصيل حالات بين الرجال والنساء كلٌ فى مجال جنسه
فالجهاد واجب على الرجال إلا من كان له العذر الشرعي ..
فالمساواة تحققت هنا فى وجوب التكليف .. لكن العدالة تدخلت فأبطلت التنفيذ عند التفصيل عن البعض وأوجبته على البعض الآخر
فهكذا يجب أن تكون المعالجة لا بإنكار كل لفظ لمجرد استخدام أحمق من الغرب .. فضلا على ما يسببه الإنكار من ضرب لمعنى وجوهر الإسلام فى عقول المغيبين عندما يأتى الآتى فيقول ..
ها هم رجال الإسلام يقرون بأنه لا مساواة فى الإسلام !
يقول كاتب المقال

اقتباس

المساواة) كلمة تَتردد على الألسنة – مع الأسف – من غير رجوع إلى شرعية إطلاقها ، ولو رجعنا إلى نصوص القرآن لوجدنا نفي المساواة ، قال تعالى : ” لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ” ، وقال تعالى : ” لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ” ، وقال تعالى : ” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ” … والآيات كثيرة في تقرير عدم المساواة ،.

هذا الكلام ظاهره الرحمة وباطنه العذاب مع الأسف الشديد , ولولا أن حسن نية كاتب المقال وقفت خلف غرضه لقلت أنه تعمد الهدم كغيره
كيف يأتى الكاتب باستدلالات فى غير موضعها ليثبت أمرا يقدح أول ما يقدح فى الإسلام ذاته
وكيف يمكن التسليم بأن تفرقة القرآن الكريم بين من أنفق قبل الفتح وقاتل ومن لم يفعل بأنها دليل على عدم المساواة بنص القرآن !
أو أن تفرقة القرآن بين الظلمات والنور دليل على ذلك ؟!
وهل الحديث فى الآيات التى استدل بها كان على الرجال وحدهم دون النساء ؟!
وماذا سيفعل إزاء عشرات الآيات التى تقرر الأصل العام للمساواة بالنص الصريح هذا بخلاف الأحاديث النبوية
يقول تعالى
[وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا] {النساء:124}
ويقول تعالى
[وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] {البقرة:82}

فالخطاب عام لا لبس فيه ولا أدنى تفرقة بين رجل وإمرأة فى جماعة المؤمنين فى الحقوق والواجبات كما سبق البيان
وكان يجدر بالكاتب أن يكتفي بالوقوف على قول الإمام بن عثيمين والذى حصر حديثه فى شأن التفاصيل بين واجبات الرجل والمرأة وأوضح حقوق كل منهما بكلمة العدالة
ونكرر القول أن هذا لا يعنى عدم وجود المساواة كأصل عام بل يعنى أن الذى استخدمها من أهل العلمانية عممها على الأصل والتفصيل بينما هى للأصل وحده
وعليه فأرجو أن تعيد النظر فى المدخل للموضوع والعنوان وحدهما أما التفاصيل فقد أجدت فيها وأفضت بالدليل النقلي والعقلي وكان أبرزها قولك

اقتباس

بعد هذا المدخل للموضوع ؛ فإن دعوة مساواة الرجل بالمرأة في جميع جوانب الحياة دعوة غربية وكانت غريبة على المجتمعات الإسلامية في فترة من فترات تاريخها ، ويريد دعاة التغريب وتحرير المرأة من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا أن ينقلوا تلك النار إلى داخل المجتمع المسلم ، فيريدونها على سبيل المثال لا الحصر أن تتولى المناصب العامة ، ويريدونها أن تَنتخب وتُنتخب ، وباسم المساواة الرجل ليس له سلطة على زوجته ، فتخرج المرأة للبحث عن لقمة العيش فتختلط بالرجال في العمل أو المدرسة أو القاعدة العسكرية ، وتشترك المرأة في الألعاب والدورات الرياضية ، وباسم المساواة تعمل المرأة الأعمال الخاصة بالرجل … وسلسلة لا تنتهي من الأعمال .
وقد اكتوت المجتمعات الغربية بنار دعوى المساواة بين الرجل والمرأة بعد تجربتها ، فبدأ العقلاء منهم بالمناداة والحدِّ من المساواة ، والمطالبة بأن تستقر المرأة في بيتها وتربي أبناءها ، فهذه جويس دافيسون زعيمة حركة كل نساء العالم تقول : ” هناك بعض النساء حطمن حياتهن الزوجية عن طريق إصرارهن على المساواة بالرجل ، إن الرجل هو السيد المطاع ، ويجب على المرأة أن تعيش في بيت الزوجية ، وأن تنسى كل أفكارها حول المساواة ” .ا.هـ.، وهذه هيلين أندلين وهي خبيرة في شؤون الأسرة الأمريكية تقول: ”إن فكرة المساواة – التماثل- بين الرجل والمرأة غير عملية أو منطقية، وإنها ألحقت أضراراً جسمية بالمرأة والأسرة والمجتمع”. أ.هـ. ، ورئيسة الجمعية النسائية الفرنسية رينيه ماري لوفاجيه تقول أيضاً: ”إن المطالبة بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة تصل بهما إلى مرحلة الضياع ، حيث لا يحصل أحد من الطرفين على حقوقه”. أ.هـ.، ولو رجعنا إلى لغة الأرقام التي أجريت في بلاد الغرب لطال بنا المقام

وقبل الكاتب الكريم تعقيبنا هذا بسعة صدر نشكره عليها فى الحقيقة وأدعو الله أن يكثر من أمثاله .. وهو الباحث السعودى أبو عمير مشرف القسم الشرعي بمنتديات العز الثقافية